أيوب الزياني المديرالعام
عدد المساهمات : 960 نقاط : 2750 تاريخ التسجيل : 18/11/2009 الموقع : المملكة الأدبية
| موضوع: بلاغة سجع لغة عربية الإثنين 11 أبريل - 5:01 | |
| السجع: السجع- عند البلاغيين- هو أحد مباحث البديع وهو ((علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال ووضوح الدلالة))
أو ((هو لنظر تزيين الكلام وتحسينه بنوع من التنميق, إما بسجع يفصله, أو تجنيس يشابه بين ألفاظه, أو ترصيع يقطع, أو تورية عن المعنى المقصود بإبهام معنى أخفى منه لاشتراك اللفظ بينهما)
والسجع من المحسنات اللفظية, وهو (( تماثل الحروف في مقاطع الفصول))
أو (( اتفاق الفواصل في الكلام المنثور في الحرف أو في الوزن)).
ويذكر التهانوي معاني الكلمة فيقول : (( السجع قد يطلق على نفس الكلمة الأخيرة من الفقرة باعتبار كونها موافقة للكلمة الأخيرة من الفقرة الأخيرة
وبهذا الإعتبار قال السكاكي : السجع في النثر كالقافية في الشعر... وقد يطلق على التوافق المذكور الذي هو المعنى المصدري
وبهذا الإعتبار قيل السجع : تواطؤ الفاصلتين من النثر على حروف واحد في الآخر والتواطؤ هو التوافق... وقد يطلق على الكلام السجع أي الكلام الذي فيه السجع, ويجوز أن تسمي الفقرة بتمامها سجعة تسمية للكل باسم جزئه)
وتشير هذه التعريفات وغيرها إلى أن السجع وسيلة تحسين وتزيين فحسب, يعمد إليه المتكلم حين يريد أن يرتفع بكلامه عن منزلة النثر العادي, الذي يتخاطب به الناس في شؤونهم اليومية, إلى نثر فني يتوخى فيه مزيداً من العناية بالصياغة وجمال الأداء, بغرض التأثير في السامعين.
يروى أن ابن المقفع قال : (( البلاغة اسم جامع لمعان تجرى في وجوه كثيرة, فمهنا ما يكون في السكوت, ومنها ما يكون في الاستماع, ومنها ما يكون في الإشارة, ومنهل ما يكون في الاحتجاج, ومنها ما يكون جواباً ومنها ما يكون سجعاً وخطباً, ومنها ما يكون رسائل...)
ويتحدث الباقلاني- وغيره كثير- عن الجانب التقنيني للسجع, وكأنه فن مستقبل, شأنه شأن الشعر, فيقول : ( ( وللسجع منهج مرتب محفوظ وطريق مضبوط, متى أخل به المتكلم وقع الخلل في كلامه, ونسب إلى الخروج عن الفصاحة,كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئاً, وكان شعره مرذولا, وربما أخرجه عن كونه شعراً ))
وقد قسم الأولون السجع أقساماً أحسنها القصير، وهو أوعر الأنواع وأصعبه وأخفه وأطيبها، ذلك أن قصر الفقرات – وأقل ما تكون كل فقرة من كلمتين – تدل على قوة المنشئ، وإذا كانت الفقرة الأولى مساوية للثانية، فهو أعدل الأسجاع وأجودها، أما إذا كانت الفقر مختلفة، فالأحسن أن تكون الثانية أزيد من الأولى بقدر غير كثير، لئلا يبعد على السامع وجود القافية فتذهب اللذة، وإذا ما كانت الفقرة الثانية أقصر من الأولى، فذلك معيب مترك، ويحسن في الفقرة الثالثة أن تكون أطول، ويجوز أن تجئ مساوية للثانية .
وقد حفلت كتب البلاغيين – وبخاصة المتأخرون منهم – بتقسيمات كثيرة للسجع، تحاول أن تجعل له ضروباً مختلفة، من ذلك أنهم يصنفونه أنواعاً حسب مراعاة الساجع لاتفاق الفاصلتين في الوزن.
فالمطرف ما اتفقت فاصلتاه في الروي واختلفتا في الوزن, من مثل قوله تعالى : {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا }
والمتوازي ما اتفقت فاصلتاه في الروي والوزن, ومن أمثلته قوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ.وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ}
والمرصع، ما اتفقت فاصلتاه في الروي, والوزن, وتساوت ألفاظ قرينته كلها أو بعضها, مثل : ((فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه, ويقرع الأسماع بزواجر وعظه))
ويشتط آخرون في تقسيمات السجع وتعديد مصطلحاته, فيحدثوننا عن: مجنح,. والمتزاوج, والممثل, والمبالغة, وإبداع القرائن, والمجانس, والمتضاد, والمتوأم, والمخلخل, المردد والمتشابه, ومشابهة الصورة, المعكوس, وذي نوعين....
وقد لحظ القدماء ما بين السجع والشعر من تشابه في خصيصة القافية- مع الفارق بينهما بطبيعة الحال- فقال قدامة : (( بنية الشعر إنما هي التسجيع والتقفية فكلما كان الشعر أكثر اشتمالا عليه, فإنما أدخل له في باب الشعر, وأخرج له عن مذهب النثر
وقال الخفاجي : (( فأما القوافي في الشعر فإنها تجري مجرى السجع)) . أما قول السكاكي: ((الأسجاع في النثر كالقوافي في الشعر)) فالمراد به أن السجع قد يطلق على نفس الكلمة الأخيرة من الفقرة ومرافقتها للكلمة الأخيرة من الفقرة الأخرى, وقد يوحى هذا القول بأن السجع مختص بالنثر))
وأمثلته في الشعر كثيرة, منه قول الخنساء : حامي الحقيقة محمود الخليفة ...................................مهدي لطريقة نفاع وضرار
وقول أبي تمام : تجلى به رشدي وأثرت به يدي ...................................وفاض به ثمدي وأورى به زندي
وقوله أيضاً: تدبير معتصم بالله منتقم ...................................لله مرتغب في الله مرتقب
ومعنى ذلك أن بعض الشعراء قد يعمدون إلى السجع في حشو بيت بعينه أو أبيات أعيانها داخل القصيدة وقد يسمى ذلك التشطير, أو التقسيم الداخلي أو الشعر المقسم, ولكن التسمية الاصطلاحية الغالبة على مثل هذا اللون هي: الترصيع, وقد أكثر القدماء من الحديث عنه, ومنهم قدامة بن جعفر, الذي عرفه ووصفه بأنه من نعوت الوزن وعرفه بقوله: (( هو أن يتوخى فيه تعيير مقاطع الأجزاء سجع أو شبيه به أو من جنس واحد في التصريف)).
| |
|