اعتاد العجوز الذي يعيش مع ابنه وحفيده الصغير في مزرعة صغيرة جميلة أن يستيقظ باكرا في كل صباح وأن يجلس على طاولة المطبخ ثم يبدأ بقرآءة القرءان. وقد كان الحفيد الصغير يرغب في أن يصبح مثل جده ، لهذا كان يحاول تقليده بكل طريقة ممكنة..
وفي أحد الايام سأل الحفيد جده قائلاً:
...جدي ، أنا أحاول أن أقرأ القرءان مثلك لكنني لا أفهم كثيراً من كلماته, والذي افهمه أنساه لهذا ياجدي سرعان مااغلق المصحف وأتوقف عن القرءآة .
ما هي الفائده من قراءة القرءان إذا كنت لا أفهم معظم المعاني ؟
ابتسم العجوز ثم بهدوء تناول سلة الفحم التي كانت بجانبه ووضع الفحم كله في المدفأة وقال لحفيده :خذ سلة الفحم الفارغة هذه إلى النهر وأملأها بالماء ثم عُد الى هنا..
قام الولد بعمل ما طلبه منه جده، لكن كل الماء كان قد تسرب من السلة قبل أن يصل عائداً إلى المنزل،
فاستقبله الجد ضاحكاً وقال: يجب عليك أن تكون اسرع في المرة القادمة ثم بعثه مرة أخرى إلى النهر مع السلة ليحاول مرة أخرى.
في هذه المرة ركض الولد بشكل أسرع، ولكن مرة أخرى فرغت السلة قبل وصوله لجده.
كان يتنفس لاهثاً والحيرة بادية عل وجهه عندما قال لجده :
من المستحيل أن أحمل الماء بهذه السلة. سأذهب لأحضر دلواً بدلا من السلة.
إلا أن الجد أجاب بحزم :
أنا لا أريد دلواً من الماء بل أريد سلة من الماء. أنت فقط لم تحاول بجهد كاف ..
ثم خرج ليشاهد الولد يحاول مرة أخرى
في هذه الأثناء أدرك الولد الصغير أنها مهمة مستحيلة، لكنه أراد أن يثبت لجده أنه حتى لو ركض بأسرع ما يستطيع فان الماء سوف يتسرب قبل أن يصل عائداً إلى المنزل .
فقام الولد برمي السلة في النهر ثم سحبها وركض بسرعة وبجهد كبيرين.
ولكنه عندما وصل إلى البيت وجد أن السلة فارغة للمرة الثالثة.
فقال وهو يلهث: أنظر يا جدي ...أنها غير مجدية..
فأجاب الجد : إذن أنت تظن أنها غير مجدية ؟ انظر الى السلة الآن ..
نظر الولد إلى السلة وللمرة الأولى أدرك أن السلة مختلفة.
كانت سلة متسخة تنقل الفحم القديم والآن اصبحت نظيفة من الداخل والخارج.
قال الجد بعد برهة من الصمت ولعله أراد يعطي الصغير فرصة ليلتقط أنفاسه:
بنــــي هذا ما يحصــــل عندما تقرأ القــــرءآن.
من الممكن أن لا تفهـــم شيئــــا أو أن تفهم بعضــــه ومن الممكــــن أن لا تتذكر أي شــــيء بعد أن تغلق المصحــــف ولكن عندما تقــــرأه مرة بعد مــــرة بعد مرة سوف تتغير داخلياً وخارجيــــاً من دون أن تــــدري أو تشعــــر بذلك فالـــزم كتـــاب الله يا صغيـــري ولا تهجـــره أبـــــداً..