قصيدة "وتعال انظر" شعر: عدنان عمر العوضات --------------------------------------------------------------------------------
(وتعال انظر)
فِي قريتِي يأتِي الظَّلام فلا تكاد ترى الضِّياءْ
فِي قريتِي . .
يتسابقون إلى الرَّذيلة والبغاء
يقاومون . . كُلّ ألوان الفضيلة
بامتهانٍ وازدراءْ
فِي قريتِي . .
يأتِي الرَّبيع مُوشَّحاً بالحُزْنِ . .
يَذْهَب مُسْرِعاً
فلا يَطِيْبُ لَهُ البقاءْ
فِي قريتِي . .
كُفْرٌ وقَهْرٌ
واجتراح السُّوء جَهْراً
وانعدام الصِّدق يُنبِي بالدَّمار
فانحِرافٌ بالمبادِئ وانحرافٌ بالمسار
وانحلالٌ وانجرافٌ واختلال
انظر ..!
ترى جَهلاً وشَراً واعتداءْ
فِي قريتِي . .
لا خير يُؤتى أو سلام
لا حُبّ فيها أو وئام
لا حُرّ فيها مُسْتَقيمٌ لا يُضام
بل أُعدِمَت كُلّ المكارم
أُعدِمَت سُبل السَّواءْ
فِي قريتِي . .
تلك الشِّفاه مريضةٌ وسقيمةٌ
ينساب منها كُلّ داءٍ . . لا دواءْ
فِي قريتِي . .
ماتَ النَّهار
والَّليل أطبق جُنْحَهُ
والرُّوح باتَت فِي متاهات العناءْ
فِي قريتِي . .
يأتِي الخريف مُزَمجِراً ومُعَربِداً
وبقوة يأتِي على أحلامِنا
كي يستبيح حدودَنا وخيامَنا
برياحه الصَّفراءْ
فلا ثبات لِصَادِقٍ فِي قريتِي
ولا مكان لعاقلٍ فيها
ولا حتَّى مقام وازدهار
أبداً . . .
ولن تلقى على عتباتها
إلاَّ المتاعب والبلاءْ
فِي قريتِي . .
بُؤسٌ وتُعسٌ واحتضار
وبقريتِي جوعٌ وموتٌ واندثار
واشهد بِها ترفاً وإفساداً وعار
قد ماتَ أصحاب المروءة
ما بقى إلاَّ الصِّغار
حتَّى الصِّغار تعشقوا فِعْل الكبار
فتعلموا أُسس التنافر والجفاءْ
وتعال انظر
كيف تُنْتَهك المحارم
دون أن تُرعى الحقوق
بلا وقار أو حياءْ
وتعال انظر
كيف تُغْتَال الكرامة
عند إشراق الصَّباح
وعند أطراف المسَاءْ
وتعال انظر
كيف أنَّ الظُّلم أصبحَ
مُلْصَقاً بالأبرياءْ
وتعال انظر
كيف أنَّ الأرض تَهوي
تارة نَحو الحضيض
وتارة نَحو الفناءْ
واسمع أنين أديمها
واسمع ضجيج صُخورها
من هولِ ظلم جرعوها والأسى
وضرجوها بالدِّماءْ
ألَمٌ بِها لا ينتهي
ألَمٌ يُهَدِّد صَفْوَها
وبَهاءَها وبقاءَها
واسمع إليها تشتكي
ظُلم الطُّغاة الأشقياءْ
حَدِّق أخي
حَدِّق معي
وانظر بكُلِّ أمانةٍ
أُنظر لِمَن وقفوا بكُلِّ بسالةٍ
فِي وَجهِ مَنْ باعوا ديار الأنبياءْ
وسلاحهم حَقٌّ يطرزه الفداءْ
وانظر إلى الأوغادِ أبناء السِّفاح
يُسَارِعُونَ إلِى التساقطِ
عند أقدام النِّساءْ
ويُسَارِعُونَ إلى السُّجودِ
لكُلِّ طاغوت تَجبَّر
ويُسَبِّحُونَ بِحَمدهِ فهو المُظَفَّر
فلا يَملون الهُتاف
ولا يَكلون الثناءْ
وكذا العَمَالة للغُزاة المَارقين
وترى التَخندق ضِدَّ كُلّ المؤمنين
والذَّود عن كُلّ العُتَاة المجرمين
والطَّعن فِي شَرف الأُباة الأتقياءْ
من أجل هذا . . كُلّ هذا
قد بكت أرضي وقد بكت السَّماءْ
فبقريتِي مُسِخَ الشَّرف
عُدِمَ السَّلام
ذُبِحَ الشُّموخ
وانتفى منها الإباءْ