مر القوافي تجيء طوعا ولا عجبا

مر القوافي تجيء طوعا ولا عجبا
صغها عقودا لهذا اليوم من درر
فاليوم عيد لهذا القطر أجمعه
فانشد نشيد الأماني رب قافلة
حلق مع الفلك الدوار في فلك
وانظر بعينيك ما خط القضاء به
فذاك عمري وراء الحجب مستتر
واهبط إلى الأرض خبرنا بما سمعت
وانثر على الوادي من علم ومن أدب
حدثه كيف سمت أرواحنا زمنا
وكيف كانت لنا الأيام طائعة
حدث بني النيل عن بغداد عن كثب
سالت دماء بني العباس بينهما
بغداد كانت منارا للعلوم فما
لا تشرق الشمس إلا في منائرها
وصف لنا كيف دالت وامتحت دول
وما دهى الشرق في ابناه قاطبة
قد أثقلتنا قيود لا نهوض بها
أعد على مسمعي ذكر الألى سلفوا
ورب ذكرى سرت في جسم سامعها
فأنت كالوحي لم تهبط على بلد
كمحكم الآي والتنزيل جئت به
فيا أمير القوافي رب مملكة
ورب قول جرى جرى من فيك حزت به
فما حدا الحادي إلا من قصائدكم
ولا تغنى فتى في الشرق قافية
لو كنت في الوادي دامال أقمت لكم
وقلت للناس طوفوا حوله أبدا
فارجع إلى مصر في أمن وعافية
وصف لهم ما رأت عيناك في بلد
فإن أصاخوا لما تمليه واستمعوا
وقل لهم إنا لم نزل هدفا
لانعرف النوم إلا خلسة غضبا
النيل في الوادي يروي كل ذي ظمإ
لنا إليهم حنين دائم وهوى
فهم لنا إخوة بل هم أشقتنا
الشرق يجمعنا والنيل يربطنا
أما المليك فإنا لا تكن له
در في المجد در مصر وفيها
إن ذكرنا أسماءهم يوم فخر
عالم عامل إذا ما دعته

عل القوافي تؤدي بعض ما وجبا
وحي فيها العلا والعلم والأدبا
هنيء به الشرق والسودان والعربا
قد أبطأت في السرى تشدو به حقبا
وزح أن اسطعت عن أسراره حجبا
في اللوح واقرأ لنا ما فيه قد كتبا
عليه سور من الأنوار قد ضربا
أذناك أن لنا في سمعه أربا
فإن ذا الشعب يهوى العلم والأدبا
وكيف كنا على رغم العدى العربا
كما تشاء فلم تهمل لنا طلبا
عن الأمين عن المأمون إذ غضبا
الملك أسمى وأعلى من دم سكبا
للعلم من طالب إلا لها طلبا
وليس يغرب عنها البدر ما غربا
وكيف جيش حماة الشرق قد غلبا
فأصبح الرأس من أبنائه ذنبا
وإن يك صائغ قد صاغها ذهبا
فرب ذكرى محت فيما محب كربا
وردت الروح فيه بعدما ذهبا
إلا رأينا إلا رأينا به الآيات والعجبا
وقد ملأت به الأشعار والكتبا
أنار قولك فيها جيشها اللجبا
في عالم الشعر دون العالم القصبا
ولا شدا بلبل إلا بها طربا
إلا وشعرك ما أوحى وما كتبا
تمثال در ولم أرض به الذهبا
مثل الحجيج فهذا كعبة الأدبا
وزر دمشق وزر بغداد زر حلبا
أبناه ليس لهم إلا العلا طلبا
فاخبرهم عن بني السودان خير نبا
لكل رام ومن قد لام أوعتبا
والحر إن مسه ما ساءه غضبا
وليس فينا فتى من مائه شربا
مهما تدارى به عذالنا حلبا
ومصر لما تزل أما لنا وأبا
كوحدة جمعت ما بينها العربا
إلا الولاء وإلا الحب والأدبا
كل آس تزهو به وطبيب
طاب في النابغين ذكر نجيب
فرص البر كان خير مجيب